17 Dec
الحتمية الكونية و الندرة الاحتمالية

الحتمية الكونية و الندرة الاحتمالية : 


بسم الله الرحمن الرحيم ،


المواضيع الموضحة بالنص :

١) الحتمية 

٢) حجة التصميم العظيم 

٣)الاحتمالات الكونية 

٤) السببية 


منذ فترة قصيرة وانا اقرأ عن الانتروبيا الإنسانية ظهر لي إشكال كبير او معضلة فلسفية معقدة . المعروف لدى المسلمين ان من اقوى الحجج الفلسفية الجديدة لديهم هي حجة التصميم العظيم  فهي توضح لنا ندرة هذا الكون الذي نحن فيه وايضا ندرة هذا الكوكب المتكامل القابل للحياة . فلنحصل على هذا الكون ،  الذي فيه فقط احتمالية وجود كوكب واحد على الاقل قابل للحياة نحتاج لكمية كبيرة جدا غير متوقعة من الاحتمالات و (الصدف ) .

لكن دعنا نخرج عن السياق و نعرف كلمة صدفة و اذا كانت موجودة اصلا ؟!

الصدفة بكل اختصار هي كل ما ندر حصوله . وسنكمل بالإجابة عن السؤال الثاني لاحقا .

لنرجع لموضوعنا الاساسي الان . عند الانفجار العظيم ما هي "الصدف" الذي حصلت لتنتج لنا هذا الكون ؟  

 فلنصل لهذه الحالة من الكون الذي لو لم يكن كما هو لما كنا لنلاحظه ، نحتاج لضوابط دقيقة جدا فمثلا :


لو أن القوة النووية القوية كانت مختلفة قليلا ، ما كان للبروتونات والالكترونات أن يلتصقا معا ليكونا النواة ، وما كان للذرات أن تتكون . ما كان للكيمياء أن توجد ، و لا الكربون وكذلك علم الحياة والبشر . لو لم تكن موجودين ، فمن عساه كان سيراقب الكون ويمنعه من أن يكون فقط مجرد حساء كمي من على نفس المستوى ، حتى اذا كانت الذرات موجودة والكون قد تطور ليصنع كل المكونات التي نعرفها حاليا ، ثم لو كانت الطاقة السوداء  أقل قوة بعض الشي ، فإن المجرات والنجوم ستكون قد تم سحبها بعيدا . على هذا ، يمكن أن يكون التغيرات طفيفة في قيم الثوابت الفيزيائية في أحجام القوي أو كتل الجسيمات مقتضيات كارثية . بعبارة أخرى ، حتى اذا كانت الذرات موجودة سيبدو الكون كأنه مذبحة . كل القوى مناسبة تماما للبشرية  الان هل هي مجرد مصادفة أننا نعيش في كون عمره 14 بليون سنة ، حيث الطاقة السوداء والجاذبية يوازن كل منهما الآخر وتأخذ الجسيمات دون الذرية الأشكال التي يقومان به .


فهذا دليل المسلمين الاقوى وهو التصميم العظيم لهذا الكون و الدقة الكبيرة، والاحتمالات الصعبة التي يوجهها العالم لكي يكون كما هو عليه الآن  او ما يسمى( بالضبط الدقيق ).

فعلميا اذا تغير هذا الكون الذي نعيش فيه الان فقط بمقدار 60-^10 او ما معناه ١ ديشليار جزء من الواحد

فلن نكون هنا لنكتب هذا المقال ...


فطبعا لاحظت قدر هذه القيمة  و ندرة هذا الكون . فاحتمال ان ينتج هكذا كون هو كأنك سحبت الكرت الفائز من ديشليار كرت . او كما وصف احد العلماء كأنك رميت سهم من نصف الكون و اصبت العلامة الموجودة على اطراف الكون وانت مغمض العينين . 


فهذه هي حجة الضبط الدقيق لدى المؤمنين . فما هو الإشكال الذي ظهر لي فيها ؟


طبعا انت تملك كتاب فارغ في مكان ما في منزلك ، لكن هل فكرت يوما ان هذا الكتاب يمكن ان يكون اندر من الكون ؟ 

سنوضح هذه الفرضية على الشكل الآتي :

نحنا ماذا نحتاج الان لكي ننتج هذا الكتاب و ما هي قصة هذا الكتاب التي تمتد ل ١٣ مليار سنة ؟ 

لكي ينتج الكتاب هذا (الذي في بيتك )  نحتاج اولا لكون صالح مثل الكون الذي تعيش فيه واحتمالية وجود هذا الكون وضحناها بالأمثلة السابقة و بعدها نحتاج لكوكب صالح للحياة وبعدها نحتاج بذرة لكي تمنوا 


توضيح : هذا المثال بسيط جدا و ملخص جدا فنحن تغاضينا عن مليارات الاشياء في الكون لكن للتبسيط سنذكر بعضها .


وبعدها نحتاج شخص ليكتشف فكرة الكتاب هذا ...

لنفرض مثلا ان الفرصة الوحيدة لاكتشاف الكتاب هي ان يمر هذا الشخص بشارع من شوارع بغداد ويصدف بحائط كبير عليه رسمة على شكل كتاب .

وهذا الشخص يعيش في جنوب افريقيا . فتخيل معي ما هي احتمالية اختراع هذا الشخص للكتاب ؟ 

يجب ان تترتب كل الاسباب  منذ بداية الكون حتى مولد اول انسان الى ان يأتي الى الحياة فتترتب الحياة مجددا لكي يذهب الى بغداد وهو بجنوب افريقيا لينظر الى هذا الحائط ... !


فما احتمال ان يحصل هذا ؟ مليار ديشليار ؟ او اكثر ؟


فهنا نلاحظ هذا الإشكال ان الكون بزعم المؤمنين هو نادر جدا 

فنلاحظ بعد هذا الشرح ان كل شيء نادر حتى الكتاب الصغير الذي في بيتك !

فالكون لا يحتاج لخالق لأنه مضبوط ضبط دقيق لأنه ببساطة شيء عادي مثل كل الاشياء في الكون .


فكيف نحل هذا الإشكال الفلسفي ؟


اولا لنعرف قبل الإجاب  ان لكل سبب مسبب 

ولكل فعل ردة فعل

وردة الفعل حسب الفعل بالضبط بحسب قوانين الفيزياء 


لنتخيل هذا الكون بأبسط شكل ممكن لنوضح الإشكال ، ولنتخيل انه من الانفجار العظيم حتى الان سلسلة من قطع الدومين :


           |

     |     |

|    |     | 


فأول قطعة هي الانفجار العظيم وآخر قطعة هي مثلا قصة اختراع الكتاب الذي تكلمنا عليها .

(هذه التجربة مغلقة و لا يوجد شيء من غير المذكور لا تأثير من الهواء ولا اي تأثير غير المذكور )

فاحتمال وقوع اخر قطعة دومينو هو ١٠٠/١٠٠ بسبب قانون السببية .

فمثلما قلنا لكل فعل ردة فعل مناسبة للفعل ذاته فحتمية وقوع ردة الفعل من الفعل وبحسب الفعل دائما ١٠٠/١٠٠ 

فمثلا لا يمكنك ان تنفخ بمفك بتخرج عاصفة كونية بسبب النفخة .

فبعد الانفجار العظيم اصبح كل شيء حتمي . 

فمنه نستنتج ان ندرة الكتاب او احتمال ظهور هذا الكتاب حسب قوانين الفيزياء و المنطق ١٠٠/١٠٠ عكس ما قلنا اولا .

اما الكون ؟ فبحسب الإيمان و الديانات كل شيء حتمي من الله اولا دينيا ثانيا علميا لان للانفجار العظيم فعل وهذا الفعل سيكون ردة الفعل بحسبه حتمية اذا الكون لدى المؤمنين حتمي علميا و عقديا .

اما لدى الفكر الإلحادي فلا يوجد فاعل للانفجار العظيم حسب اغلب الاقوال واذا كان هناك فاعل فنرجع ونقول من هو فاعل الفاعل وندخل بمسألة السببية .

واذا كان لردة الفعل (الانفجار العظيم ) لا يوجد فاعل فردة الفعل صدفية غير محددة وهنا معنى الصدفة يصح بكل ما تحمل الكلمة من معنى . لان مثلما استنتجنا من المثال السابق اذا لم يكون لردة الفعل فاعل او فعل لا يوجد حتمية لردة الفعل . 

لا يوجد معنى للصدفة في هذا الكون فكل شيء مبني على اسباب وحتمي ١٠٠/١٠٠ . اما عن الانفجار العظيم لدى الملاحدة فهو صدفي حقيقي لان الانفجار العظيم ليس له مسبب .

فهنا نحل الاشكال :

فالضبط الدقيق مازال حجة على التفكير الالحادي .  

محمد الحاج حسين / شكرا




تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة